27.11.20

مركز رعاية الأمومة


 

شاهدت مؤخرا دراما كورية بعنوان Birthcare Center أو مركز رعاية الأمومة، الدراما تتناول ما بعد الولادة ومرحلة تعافي الأم، في الحقيقة ما شد انتباهي لها أنني لم أشاهد عملا يتناول تلك المرحلة في حياة المرأة، ماذا يحدث لك بعد الولادة؟ بالتأكيد لم يعجبني كل ما جاء فيها، ولكن أعجبني المحور العام الذي تدور حوله.

تبدأ الدراما بالحمل وعملية الولادة المؤلمة، وانتقال الأم ما بعد الولادة إلى مركز مؤهل لرعايتها في الفترة الأولى، شعرت بالغيرة أنا أشاهد مركز الرعاية، وتساءلت لماذا لم يتوفر مثل هذا المكان لي، مكان يعتني بطفلي ويعتني بي أيضا في نفس الوقت، نعم كنت أحتاج الرعاية أيضا لا أن أكون الراعية بمفردي.

تدور القصة حول الصورة النمطية للأم المثالية، تصطدم الأم الجديدة الناجحة للغاية في عملها بأنها في عالم الأمومة تثنف في المركز الأخير، لا تعرف كيف ترضع ابنها، لا يعجبها أن يناديها أحدهم باسم والدة فلان، كيف تتسابق الأمهات الأخريات لنيل رضا من يعتبرنها الأم المثالية حتى تساعدهن في معرفة ما عليهن فعله مع أبنائهن. وكيف انخرطت هي شخصيا في سباق الأمومة المثالية المحموم.

حتى تأتي في يوم ما أم متمردة تقرر أن ترضع صغيرتها حليبا صناعيا، وأن يناديها الجميع باسمها هي. نلاحظ كيف بدأت بطلة الدراما في التأرجح بين الاثنتين، الأم الشابة الجديدة التي تريد أن تعيش حياتها وكأن وجود طفل فيها لم ولن يغيرها، وما بين الأم المثالية التي تعيش من أجل أبنائها فقط حتى نست وتناست أن لديها حقوقا على نفسها.

ربما أكون شعرت بكل ألم شعرت به كل أم في مركز رعاية ما بعد الولادة، كيف تتعلمين الرضاعة، وكيف تجدين بداية أن هذا أمر يتطلب منك تعلمه وليس كما تتخيلين يأتي بالفطرة البحتة.

عشت مع البطلة تساؤلاتها بكيف لا تشعر بذلك الحب الأمومي يجتاح قبلها، وهي هي أم سيئة إن كانت تشعر كذلك؟ كيف تشعر بأن حياتها كلها قد أصبحت رأسا على عقب، مضطربة لا تعرف كيف سيكون الأمر عندما تغادر ذلك المكان.

عشت مع تلك الأم التي فقدت صغيرها، وأعجبتني كلمة المديرة أن رعاية الأم بعد الولادة لا يتطلب أن تكون الأم وابنها بخير، فالأم بحاجة لتلك الرعاية حتى وإن فقدت ابنها.

وتلك الممثلة المشهورة التي اكتسبت الكثير من الوزن وبالرعاية والتشجيع وصلت لقناعة أن تلك المرحلة بالحمل ولاولادة وزيادة وزنها فيها ليست نهاية العالم وأنها تستطيع العودة من جديد ولكن ابنها يستحق أنها كانت سعدية في فترة حملها بتناولها ما يشعرها بالشبع.

تبدأ القصة بالأمومة المثالية وتتطور إلى أن يعتبر الجميع ببعض المشاعر البائسة التي تنتابهن بعد حصولهن على طفل و أن اعترافك أن هناك بعض المشاعر السلبية التي تجتاحك لا يعيبك كأم بل لا بأس بالبوح بها عاليا، فالأم في النهاية إنسان.

" ينظر الجميع إلى أن الحمل والولادة أجمل ما العالم، لكن الحمل منهك والولادة قاسية وفترة التعافي بائسة"، نعم شعرت بتلك الجملة من أعماقي، لن يعرف معنى ذلك إلا من خاض التجربة بنفسه.

تنتهي الدراما بأم جديدة تنضم إلى المركز وتتساءل " هل ستعود حياتي إلى سابق عهدي قبل الولادة؟" لتجيبها مديرة المركز " لا لن تعود حياتك إلى ما كانت عليه، فالولادة لم تكن نهاية المعاناة بل بدايتها وحياتك قد تغيرت إلى الأبد"
نعم تتغير حياة الأم والأب إلى الأبد بعد أن يرزقا بطفل، هناك أحلام كثيرة كانت في قلب كل أم قبل طفلها الأول، تخلت عن الكثير منها، وتعلمت أنه لرعاية طفلها عليها التضحية بالكثير، حتى حياة الأب تتغير بعد الحصول على طفل، فأنتما لو تعودا بمفردكما، هناك كائن جديد يعتمد بالكامل على تواجدكما.

شعرت بالغيرة من فكرة تواجد مثل ذلك المركز وعدم حصولي على فرصة التواجد فيه، وتذكرت وجود شخص كانت تأتينا كل يومين لتعلمني كيف أحمم الطفل، وكيف أرضعه، وتتابعه صحته وصحتي لمدة شهر، وشعرت بالشفقة على الأمهات في بلادنا حيث لا تحصلن لا على المعلومة ولا على المتابعة ولا فرصة تعلم كيفية رعاية أبنائهن وكأن الأمر أمر فطري حتمي لا نقاش فيه، وكأن الأم لا تخوض حياة جديدة بمفردها، مرحلة مرت فيها بالكثير، تحتاج فيها إلى الرعاية والتدرج و التعلم حتى تستطيع أن تقدم الرعاية للآخرين.

"لا يوجد أم مثالية ولكن يوجد أم سعيدة مع ابنها"، نعم لا يوجد أم مثالية، يوجد أم تسعى لما في استطاعتها لتقدم حياة رائعة لأبنهائها، فليس عليك مقارنة حياتك بالآخرين حتى تشعري بأنك أم رائعة، أنت رائعة بما تقدميه لأبنائك، ابحثي عما يسعدك، لأنك إن كنت سعيدة فسيكون أبناؤك أيضا سعداء

25.7.20

عام دراسي بنكهة الكورونا



لا أعلم إن كان هذا العام الدراسي سيظل في الذاكرة للأبد، أم ستنضم له أعواما جديدة تشاركه الذكرى و الخصوصية، مع نهاية عامنا الدراسي لهذه السنة، يمر على العقل ذكريات الشهور القليلة الماضية، وكيفية تطوارت الأمور العديدة التي رافقتنا لعامنا الحالي.


بدأنا عامنا الدراسي ككل عام، بدأ في الأسبوع الأول من سبتمبر، على أن ينتهي كما الحال في ولاية بافاريا في الأسبوع الأخير من شهر يوليو، إلا أن الأمور فاجئتنا قليلا، مع مقدم ضيف غير مرغوب فيه إلى عالمنا، لقد وصلت كورونا إلى ألمانيا!!!


في الثالث عشر من شهر مارس الماضي، أعلن رئيس وزراء ولايتنا عن توقف الدراسة في المدارس بالكامل بداية من الأسبوع القادم، على أن تستأنف من المنزل تبعا لنظام ستحدده كل مدرسة ، يتم العمل به حتى يتبين الأمر من عدمه، حيث أن القرار يحمل في طياته سقفا لا نهائيا للزمن المفترض بقاء التلاميذ تبعا له في منازلها.


في منزلنا ثلاث مراحل دراسية مختلفة، يخضع اثنان منهما لنظام مدرسي واحد، في حين يختلف نظام مدرسة ابنتي قليلا عنهما. بالنسبة لمدرسة الكبار، فقد تقرر أن يتم الحصول على المواد التعليمية عن طريق ثلاث سحابات الكترونية مختلفة، بالاضافة إلى رسائل الايميل المباشرة من المدرسين والتي كانت في البداية ترسل للطلبة فقط دون الأهل، مع عرض من مدرس واحد فقط لابني الأكبر أن تكون حصصه من كل اسبوع عن طريق محادثة الفيديو. أما عن الصغرى، فالحصول على المواد التعليمة سيكون عن طريق الايميل ما بين مدرس الفصل والأهل، على أن يتم طباعة الأوراق المطلوبة ومتابعة الأهل لسير العملية التعليمية من المنزل، دون أي عروض لمتابعة الأمر بشكل مباشر من المدرس عن طريق محادثات الفيديو.


هوم سكولينج!!

لم أتخيل يوما أن أقوم بتدريس أبنائي من المنزل، أعلم من البداية إنني لست ممكن يتحمل هذا الأمر، لم أسع إليه يوما، ولن أسعى إليه بعد تجربته. إلا أن أصبح أمرا واقعا تم فرضه علينا تبعا للظروف


نبدأ الأسبوع دائما باستلام جدول الدراسة الأسبوعي، مضافا إليه المواد التي سيتم استخدامها في التعليم، لم يكن علينا كأهل أن نبحث عن المواد التعليمية، ولكن علينا أن نتابع العملية نفسها، من حيث التزام الطالب بجدوله، مع شرح المواد التي حصل عليه، ومتابعته في عمل واجباته، مع تصحيحها.

أضفت من عندي جدولا خاصا بصغيرتي، يحتوى على الجدول الدراسي، مضافا إليه ما سوف نقوم بممارسته اليوم بصفة عامة في المنزل، فوضعنا وقتا خاصا لدراسة الحساب، واللغة الألمانية والعلوم، مع وقت محدد لمشاهدة التلفاز وممارسة الرياضة والمساعدة في ترتيب المنزل، بالإضافة إلى وقت مخصص للقراءة وللتدريب على البيانو واللعب بالألعاب اللكترونية.

بعد مرور شهر تقريبا، بدأت مدرسة الكبار في ارسال الايميلات للأهل بالضافة إلى الطلبة، حتى يكون الاهل على معرفة بكيف تسير العملية التعليمة معهم، وأضيف مدرس جديد لحصص الفيديو المرئية

بالنسبة لابنتي، فلقد قررت مدَرسة الفصل أن تمر على جميع الطلبة في بيوتهم، لتعطيهم المواد التعليمية بنفسها، حتى يشعر الطلبة بوجود رابط ما زال مستمر ما بينهم وبينها، حيث أنها تأتي و تدق جرس المنزل ، فيقابلها الطالب في الخارج، مع ترك المسافات المنصوص عليها للمحافظة على عدم العدوى، ولقد كان لذلك اثره الكبير فعلا في نفسية ابنتي، و تكرر الأمر مرة ثانية بعدها بفترة للحصول على المواد التعليمية الجديدة.

في المرة الأولى كان مرفقا رسالة شكر للأهالي لدعهم للمدرسين والطلبة في هذا الوقت، مع وجود رسالة دائما باسم الطالب موجه له، تسأله عن شعوره، وأن مدرسته متاحة له في أوفات محددة إذا ما شعر أنه في حاجة للتواصل معها عن طريق الهاتف، هذا بالطبع بالاضافة إلى توفر تلك الخدمة بشكل عام من موجهي المدرسة حيث أنه كان مسؤولا عن هذا الأمر اثنتان من المدرسة على استعداد للتواصل مع الطلبة في حالة شعوروهم بمرورهم بمتاعب نفسية او صعوبات تعليمية.

تعاقدت المدرسة الابتدائية ايضا مع منصة تعليمية، ليتم توفير فيديوهات شرح للطلبة، حيث قررت المدرسة بعد شهر من البقاء في المنزل، أنه علينا البدء الآن في تدريس مواد جديدة، وليس فقط الاكتفاء بالتدريب على ما تم دراسته بالفعل قبل جائحة كورونا.

متى سنعود؟

يعد شهرين تقريبا، تقرر عودة بعض الصفوف إلى المدارس من جديد، تحت اشتراطات مختلفة، المراحل التعليمة التي تقرر عودتها هي الصف ما قبل نهاية التعليم الأساسي، في جميع المدارس ما فوق الابتدائية، بالاضافة إلى الصف الرابع، و الصف الخامس، والصف الأول الابتدائي على مدار اسبوعين تقريبا، حيث البداية مع مرحلة واحدة على ان يتم اضافة مرحلة أخرى بعد عدة أيام وهكذا


كل مرحلة سيتم تقسيم فصولها إلى قسمين، حيث يذهب القسم الأول إلى المدرسة اسبوعا، ليبقى في المنزل بعدها في الأسبوع التاني ويتناوب مع في الذهاب إلى المدرسة القسم الثاني. ذلك طبعا مع مراعات استخدام المطهرات التي اصبحت منتشرة في جميع اجزاء المدرسة، وتخصيص جزي من السلم للصعود وآخر للنزول، وعدم التجمع خارج الفصل، والمخافظة على ارتداء الماسك مادت خارج حدود فصلك.


بعد ثلاثة اشهر اصبح بامكان جميع المراحل التعليمية العودة للمدارس، مع استمرار تقسيمهم إلى قسمين، ويختلف موعد ذهاب كل قسم منهم تبعا لقرار المدرسة نفسه وتوفر المدرسين من عدمه فيها.

فبعض المدارس اتبعت نظام العودة لأسبوع والبقاء لأسبوع، بعض المدارس قررت أن يذهب كل قسم ما بين يومين إلى ثلاث كل اسبوع (فمثلا سيذهب قسم منهم كل يوم اثنين واربعاء، وبالنسبة للجمعة فستكون اسبوعا نعم واسبوعا للقسم الثاني من الفصل)، وبعذ المدارس قررت عمل نوبتين في اليوم، يذهب كل قسم منهم في نوبة ما على أن يذهب جميع الطلبة يوميا إلى المدرسة.


بالطبع تم الغاء كافة الامتحانات لهذا العام، مع محاولة السماح بنجاح جميع الطلبة وانتقالهم للعام الدارسي التالي. تم الغاء جميع الفعاليات والاحتفالات السنوية. تم الاكتفاء بدراسة المواد الدراسة الأساسية، والغاء مواد الرسم والموسيقى والرياضة


في آخر يوم في العام الدراسي تعودت مدرسة ابنتي الابتدائية على توجيه تحية خاصة لطلبة الصف الرابع لنتقالهم إلى مدرسة جديدة هذا العام، عن طريق التصفيق لهم من جميع المراحل التعلمية الآخرى في المدرسة مع حضور الأهل جميعا لهذه المناسبة. هذا العام تقرر أن يتم الاحتفال بهم أيضا ولكن في غياب الأهل، حيث لم يتم السماح مطلقا بتواجد أن أحد من طرف الأهل، وعلى أن تذهب المجموعة الأولى من المراحل المختلفة من الساعة الثامنة صباحا وحتى التاسعة لاستلام شهاداتهم، ثم مقابلة المجموعة الثانية في ساحة المدرسة للاحتفال معهم بمغادرة الصف الرابع، مع ارتداء الماسكات والتباعد ما بين الطلبة، يدخل بعدا المجموعة الثانية إلى المدرسة في التاسعة والنصف لاستلام شهاداتهم. أما بالنسبة لمدرسة الكبار فقد كان آخر يوم دراسي عبارة عن نصف ساعة فقط لاستلام الشهادات حتى يتم السماح بالتأكد بأن الجميع غادر المدرسة قبل السماح للمجموعة الثانية بالقدوم.


كيف سيكون عامنا الدراسي الجديد؟ هذا ما سوف نكتشفه مع الأيام 

1.1.20

مترجم: 6 أشياء على غير المسلمين ألَّا يقولوها لمن يصوم رمضان

نشر للمرة الأولى على ساسة بوست 30 يونيو 2015



رمضان هو الشهر التاسع في التقويم الإسلامي، حيث يقوم المسلمون فيه حول العالم بالصيام من الفجر و حتى غروب الشمس. يقول الكاتب أنه حرص على الصيام خلال شهر رمضان كل عام منذ كان في الثامنة من عمره، و لقد تغيرت التجربة بالنسبة له بالعديد من الطرق، حيث علمتنه الكثير من الانضباط، و ما الذي يعنيه أن يكون أقل حظا.
و كلما كان يكبر، و حيث أن التقويم الإسلامي يعتمد على دورة حياة القمر، فقد عنى ذلك أن الأيام خلال شهر رمضان يطول فيها الوقت على مر السنين. بعض الأمور بالرغم من ذلك تظل على حالها، كما يحدث غالبا من رد فعل زملاؤه من غير المسلمين عن الصيام، يفرد لنا الكاتب 6 ردود فعل منها :

«إذا أنت لا تأكل و لا تشرب بأي شكل طوال ثلاثين يومًا؟»

هل تظن حقا أن هذا هو ما أفعله؟ إنني متأكد من أنني سأموت إن جربت القيام بذلك .

«هل من المناسب أن أاكل أمامك ؟»

بالطبع يمكنك أن تأكل أمامي، إن أحد المبادئ الرئيسية للصوم هو الانضباط، و أفضل أن تقضي يومك بشكل طبيعي و لا داع أن تقلق عليّ .
أنا أستطيع التعامل مع عدة رقائق للشيبس تُأكل بجانبي، و لكني أعتقد أن الجميع هنا سيكرهك بسبب رائحتها الكريهة .

«لماذا تفعل ذلك بنفسك؟ أليس هذا سيئا بالنسبة لك؟»

لماذا تتحدث عن الأمر بهذا القدر من السلبية؟ أنا لا أعاقب نفسي ، و لا يمثل ذلك عبئا عليّ. إن شهر رمضان هو وقت خاص جدا للمسلمين، يتطلع إليه الكثير منهم. من المؤكد أننا نمر ببعض الأوقات الصعبة، و لكنه يستمر شهرا واحدا فقط ، كما أنها تذكرنا كيف يعيش الناس الأقل حظا منا.
إن الصيام واجب فقط على البالغين الذين يستطيعون الصيام. و لا يجب عليك الصيام إن كنت تعاني من مشاكل صحية يمكنها أن تتأثر بسببه. ربما نفقد بعض الوجبات يوميا، و لكن الهدف هو تغيير نمط حياتنا بشكل ايجابي، يسمح لنا بذلك الشعور أننا اكتسبنا الكثير روحانيا طوال الشهر. عليك أن تجرب ذلك !

«لابد أنها وسيلة رائعة للحصول على الشكل الذي تريد!»

نعم، هناك الكثير من الأدلة تدعم العديد من الفوائد الصحية للصيام، بما في ذلك تحسين وظائف المخ ، و تحسين جهازك المناعي ، و معادلة حساسية الأنسولين، و يساعدك أيضا على علاج الإدمان، و على فقدان الوزن.
بالرغم من ذلك، نحن نتجه إلى إلغاء العديد من هذه المميزات، لأنه و بمجرد غروب الشمس، و سماعنا للأذان، نحب أن نأكل كل ما نستطيعه من الوجبات المقلية اللذيذة، مستمرين في تناول الوجبات الخفيفة كلما استطعنا حتى موعد شروق الشمس التالية. يظل ذلك ربما هو تقليد بلادي.

«كُل قليلا من هذا، فلن يعلم أحد بذلك!

لقد ابتعدت تماما عن المقصد، رجاءا ابتعد عني!
رمضان ليس فقط لتجنب الطعام و الشراب، نحن نستفيد من هذا الشهر لتعلم الانضباط الذاتي، تحاول أن تكون أقوى روحانيًا، و مقدرين عطايا الله لنا و كيف أننا محظوظون. نتفكر في قيمة الإحسان و الكرم، و شاكرين للقرآن الذي أُنزل لأول مرة في شهر رمضان.

« لابد أنك جائع حقا !»

لقد كنت على ما يرام حتى ذكرتني أنت بذلك ، فشكرا لك !
إذا كنت تعرف شخصا يصوم رمضان ، رجاءا، تصرف على طبيعتك. إذا كنت لا تزال تجد ذلك صعبا عليك لفهمه، فتذكر أن ذلك يستمر فقط لشهر واحد فقط، نحتفل في نهايته بعيد الفطر. إنه كعيد الميلاد و لكن أفضل كثيرا، لذلك لا داع للقلق: نحن نستطيع القيام بذلك.

الإضرابات العمالية: نضال العمال نحو عالم أكثر عدلًا

نشر للمرة الأولى على ساسة بوست 30 يونيو 2015



لم يمض شهر تقريبا منذ انتهى ما وصف بأنه أطول إضراب يقوم به عمال قطاع القطارات في ألمانيا، حيث امتد لما يقارب 127 ساعة، في محاولة منهم لتحيسن مرتباتهم. على مر التاريخ، تحقق بعض الإضرابات الغرض منها، بينما يفشل البعض الآخر في ذلك، بعضها استغرق أعواما، والبعض الآخر أصبح إضرابا عالميا. فما هي الإضرابات العمالية؟ متى بدأت وما الذي يعمل على تحريكها؟

الإضراب العمالي

الإضراب هو الانقطاع عن العمل، ويصبح الإضراب عماليا عندما يحدث رفض جماعي لدى الموظف عن العمل. يحدث الإضراب العمالي عادة كتعبير واستجابة لتظلمات الموظفين. استخدم لفظ الإضراب للمرة الأولى في لندن، عام 1768، عندما قام البحارة بإزالة أشرعة سفنهم التجارية، دعما للمظاهرات في لندن، مما عمل على إحداث حالة شلل تامة للسفن. وقد استخدموا في منشوراتهم آنذاك عبارات مثل (التوقف عن العمل) أو (النزاع الصناعي).
كان هذا الحدث هو الاستخدام الأول للكلمة الإنجليزيةstrike ، أما إذا ما عدنا بالزمن للوراء، فما يمكن اعتباره حقيقة أول إضراب عمالي في التاريخ، قد سجل أيام الحضارة الفرعونة، تحديدا في نهايات السلالة العشرين للفراعنة في عام 1152 قبل الميلاد. حيث غادر الحرفيون أعمالهم في المقبرة الملكية، لأنهم لم يحصلوا على رواتبهم، مما اضطر السلطات الفرعونية حينها إلى رفع الأجور.
أخذت الإضرابات العمالية زخمها وتزايدت أعدادها، وأصبحت سمة أساسية من المشهد السياسي مع بداية الثورة الصناعية مع بداية الثلاثينات في القرن التاسع عشر (1830)، ولم يمض الكثير من الوقت ليبدأ الإضراب الأكبر على مستوى بريطانيا، والذي بدأ في مناجم الفحم بستافوردشاير، امتد بعدها ليشمل بريطانيا بأكملها. قام بالإضراب وقتها أكثر من 500 ألف عامل.
أول من اعترف بالحق في الإضراب كان الميثاق الاجتماعي الأوروبي في مادته السادسة في عام 1961، تلته بعد 6 أعوام وثيقة العهد الدولي الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مادتها الثامنة.

النقابات العمالية

هي في الغالب الجهة الرئيسية المسؤولة عن الدعوة للإضراب، والدعوة إلى إنهائه. وهي من يوكلها الموظفون والعمال للتفاهم مع الشركات والمصانع، حتى يستطيعون الوصول إلى اتفاق مرضٍ للجميع. إلا أنه وفي بعض الأحيان، يمكن للموظفين القيام بإضراب جماعي عفوي دون اللجوء للنقابات العمالية.
تعود بدايات النقابات العمالية إلى القرن الثامن عشر، مع التوسع الصناعي السريع، والذي لم يعد قاصرا على الرجال، حيث بدأت النساء والأطفال بالانضمام إليه بأعداد كبيرة، مشكلين منظمات تجمعهم بشكل عفوي، لتكون تلك المنظمات هي نواة هامة لتطورالعمل النقابي.
النقابات العمالية، أو ما يمكن أن يُعرف باسم ” منظمة العمّال”، أنشئت لتجمع تحت ظلالها مجموعة من العمال يسعون لتحقيق أهداف مشتركة، كحماية سلامة تجارتهم، وتحسين معايير السلامة أثناء العمل، وتحقيق أعلى الأجور والاستحقاقات كالرعاية الصحية والتقاعد، وليحصلوا على ظروف أفضل للعمل. تتفاوض النقابة باسم عامليها والمنتمين إليها مع صاحب العمل، لتحاول أن تعمل على تحقيق ما يرجوه المشتركون فيها.

هل تحقق الإضرابات الهدف منها دائما؟

بالطبع لا يستسلم أصحاب الشركات للإضراب من الوهلة الأولى، فكما تحاول النقابات العمالية الضغط على أرباب العمل من جهتها باستخدام الإضراب سببا لذلك، يسعى أصحاب العمل من جهة أخرى لمقاومة الإضراب إذا ما استطاعوا، من جهة حتى لا يستسلموا للوصول إلى اتفاق لا يرضون عنه، ومن جهة أخرى حتى لا تتحقق لهم خسائر تضر أعمالهم ومكاسبهم بسبب الإضراب. ويُعد أشهر ما يلجأ إليه أصحاب العمل عادة، هو توظيف عمالة مؤقتة تقوم بالعمل حتى نهاية الإضراب.
إلا أن العمالة المؤقتة قد لا تكون أحيانا الحل السحري، فإذا ما استمر الإضراب طويلا، سيكون تدريب العمالة المؤقتة على العمل لفترات طويلة عبئا إضافيا على صاحب العمل، كما أن النقابات العمالية واتحادات العمال تعمل أحيانا على الاتفاق مع العمالة المؤقتة للمطالبة بأجر أعلى، لا يستطيع أصحاب العمل توفيره لفترات طويلة.


إذن يعتمد الأمر في النهاية على الأكثر إبداعا في كيفية الوصول إلى هدفه، فينجح الإضراب أحيانا في تحقيق الهدف منه، ويفشل في أحيان أخرى.

هل يمكننا القول أن هناك إضرابات ناجحة؟

  1. ربما من الأمثلة على الإضرابات التي نجحت في تحقيق أهدافها واستفاد منها العديدون، كانت الإضرابات الطلابية التي قام بها طلبة الجامعات في ألمانيا بعد قرار زيادة المصاريف الجامعية في 2012، ما ترتب عليه التراجع في قرار الزيادة أولا، ثم تطور الأمر إلى قرار بإلغاء المصروفات الجامعية مع بدايات عام 2013.
  2. في عام 1966 انتهى الإضراب الذي دعى له اتحاد عمال النقل، بتحقيق مكاسب كثيرة للعاملين. ذلك الإضراب الذي استمر 12 يوما بداية من يوم احتفالات رأس السنة، ورغم حملات الاعتقال التي تمت وقتها، وصدور أمر قضائي بإنهاء الإضراب، إلا أن ما حصل عليه العاملون بعدها كان يستحق. حيث تم إقرار حزمة تشمل زيادة في الأجور، والحصول على عطلة إضافية مدفوعة الأجر. مع زيادة المعاشات التعاقدية.
  3. ما بين ديسمبر 1996 ويناير 1997 دعا اتحاد نقابات العمال في كوريا الشمالية، ما يزيد عن مليون من أعضائه للدخول في إضراب عام عن العمل، بسبب قانون جديد للعمل أقرته الحكومة الكورية، يعطي حقوقا أكبر لصاحب العمل على حساب حقوق العمال.
    بدأ الإضراب في قطاع صناعة السيارات والسفن، وامتد بعد ذلك إلى قطاع المستشفيات وغيره من القطاعات. مما اضطر الشرطة وقتها إلى استخدام القوة مع المضربين. ذلك الإضراب الذي أجبر الحكومة في النهاية، وتحديدا في نهاية يناير إلى إلغاء قانون العمل الجديد.

تأثير الإضرابات العمالية على الدولة والمواطنين

أما عن الدولة فعليها أن تتولى مسؤولية حماية المضربين إذا ما قرروا التظاهر في الشوارع أو الاعتصام أمام شركتهم أو مصنعهم، تبعا لما يقضي به القانون، كما أنه ومما لا شك فيه أن الاقتصاد العام للدولة يتأثر تبعا للجهات التي تقوم بالإضراب، وعددها في نفس الوقت.
يتحمل المواطنون أيضا عواقب الإضرابات العمالية، فهم ملتزمون بالوصول إلى أعمالهم دون تأخير حتى وإن كان الإضراب يطول القطارات ووسائل المواصلات، فأصحاب الأعمال الأخرى ليسوا على استعداد لتحمل تأخر موظفين نتيجة الإضرابات. كما تعاني الأمهات العاملات عند قيام مشرفات الحضانة بإضراب، حيث لا يعلمن أين يذهبن بأبنائهن، ولا يراعي ذلك أيضا أصحاب العمل.
وقد يتضاعف الأثر على المواطنين إذا ما كان الموظفون المضربون يعملون لدى جهة تقدم أكثر من خدمة للمواطنين، كما حدث في إضراب هيئة البريد الأخيرة في ألمانيا، فلم يتم توزيع البريد وضاعت على العديدين الكثير من الخطابات الهامة، في نفس الوقت الذي فوجئ فيه الناس بعدم وجود نقود في ماكينات الصرف الآلي للبنك التابع لهيئة البريد، حيث لم يقم أحد بمتابعتها، وملئها عند نفاذ النقود منها.

أشهر الإضرابات العمالية في التاريخ

تبعا لخريطة الإضرابات، والتي تسجل ما حدث منها منذ القرن السابع عشر، نجد أن الدولة التي حظت بأكبر قدر من الاضرابات العمالية هي الولايات المتحدة، يليها بريطانيا. فليس من الغريب أن تكون أشهر الإضرابات في التاريخ تعود دائما إلى أمريكا.
1- إضراب المدرسين في واشنطن عام 2011، حيث أضرب المدرسون عن العمل بسبب دنو الأجور، ومساحات الفصول الدراسية، والطريقة التي يتم التعامل بها معهم. ورغم أن الأهالي حاولوا الحصول على حكم من المحكمة بعدم قانونية إضرابهم، إلا أن المدارس وقتها قد أغلقت لعدة أيام.
2- نيويورك وتحديدا في عام 2005، وجد الملايين من المواطنين أنفسهم عاجزين عن استخدام المواصلات العامة، وذلك بسبب إضراب السائقين عن العمل رغم استمرار الإضراب ليومين لا غير.
3- أضرب لاعبو كرة القدم في أمريكا عن اللعب لعام كامل، ما مثّل للبعض وكأن أمريكا كلها قد حصلت على أجازة مرضية. ما ساعد على ذلك الإحساس قيام لاعبي الهوكي بإضراب عام أيضا في نفس الموسم لعام 2004-2005 .
4- بريطانيا، والتي استطاعت أن تحصل على مكان في القائمة مع الولايات المتحدة، فمن صيف عام 2009 وحتى ربيع 2010 لم تصل عشرات الملايين من الطرود التي كان يجب أن تصل إلى أصحابها، بسبب اعتصام موظفي البريد اعتراضا على عدم توفر الأمن الوظيفي للعمال، بسبب اتجاه البريد الملكي لاستبدال العمالة البشرية بالآلية. تم الوصول إلى اتفاق في النهاية بزيادة الأجور وحفاظ 75% من العاملين بالمركز بدوام كامل.
5- إضراب العاملين في الوجبات السريعة، ذلك الإضراب الذي بدأ في الولايات المتحدة عام 2012 بـ 100 عامل فقط من عمال مطاعم ماكدونالدز، لتتزايد أعداده اطرادا كل عام، حتى تحول في عام 2015 إلى إضراب للعاملين في هذا القطاع على مستوى العالم. ففي الخامس عشر من مايو لعامنا الحالي، خرج العاملون في قطاع الوجبات السريعة في 230 مدينة حول العالم، في اليابان والبرازيل والهند وبريطانيا، هذا بخلاف الإضراب الذي شمل أكثر من 200 مدينة في أمريكا لوحدها قبل هذا التاريخ بشهر واحد. مطالبين جميعا برفع الحد الأدنى لأجورهم إلى 15 دولارا في الساعة. ومازالت المفاوضات مستمرة.

063015_1735_2.png

2015 والإضرابات العمالية

رغم انقضاء ستة أشهر فقط من العام، إلا أن الإضرابات العمالية قد طغت أخبارها في أنحاء العالم. فمن آيسلاندا التي تعيش تحت الإضرابات حاليا والتي يتوقع وصول عدد المضربين فيها إلى 70 ألف عامل، إلى الولايات المتحدة وتحديدا ولايات تكساس ولويزيانا وكاليفورنيا، حيث واجهت إضرابا لعاملي البترول في شركة شل.
المكسيك التي قام فيها 50 ألفا من المزارعين بإضراب عام، وألمانيا التي عاشت بين 4 إضرابات في وقت واحد تقريبا ما بين إضراب عمال هيئة القطارات، والبريد ومشرفات الحضانات وعمال اللوفتهانزا.
الصين، والتي لم تتغير سياستها الدكتاتورية في التعامل، والتي أنهت إضرابا للعاملين في صناعة ضوء الدراجات في مصنع شينزن، إما بالطرد، أو الاعتقال. تركيا والتي يُتوقع أن يصل عدد المضربين فيها من العاملين في صناعة المعادن إلى 15 ألف مع نهاية الشهر الحالي اعتراضا على تدني الأجور، وكندا التي أضرب فيها آلاف المدرسين الغاضبين.
بغض النظر عن النتيجة التي تخرج بها الإضرابات المختلفة، إلا أن هذا النوع من الاعتراض على الظروف السيئة للعمل، أو تدني الأجور، أو عدم توفر السلامة الوظيفية أو الحياتية سيستمر في التواجد والتصاعد، لا تتسبب نتائجه السلبية السابقة في تدني الأمل لدى العاملين الظانين أن ظلما قد وقع عليهم من أرباب أعمالهم.

اليوم المفتوح .. وتوحيد ألمانيا

نشر للمرة الأولى على ساسة بوست 2 أكتوبر 2015


تحتفل ألمانيا في الثالث من أكتوبر كل عام، بعيد توحيدها، حيث أنه من أيام العطل الرسمية في البلاد، والتي يتعطل فيها كل شيء من مدارس وأعمال وحتى من أن تفتح فيه المحلات.

إلا أن الاحتفال هذا العام قد يكون مميزًا، حيث باكتمال هذا العام، تكون ألمانيا قد أمضت ربع قرن تحت توحيد قسميها الشرقي والغربي. ذلك التوحيد الذي جاء بعد انقسام فرضتْه عليها دول التحالف بعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية، لتقسم ألمانيا إلى جزئين، ولتقتطع بعض أراضيها وتنسبها إلى دول أخرى، إمعانا في التقسيم والإذلال

25 عامًا مضت على توحيد الألمانيتين، أثّرت بشكل كبير في ألمانيا اليوم، حيث يمكنك أن تستمع لكلمات الحسرة على ألمانيا الغنية جدا قديما قبل الوحدة، وما سببته الوحدة من تآكل كبير لمستوى المعيشة في ألمانيا الغربية.
 
بالإضافة للضرائب التي زادت على مواطني ألمانيا الغربية، لإعمار ألمانيا الشرقية بها والتي وعدت الحكومة حينها أنها ستكون ضريبة مؤقتة لمدة عشر سنوات، إلا أن الحكومات المتعاقبة مازالت تزيد في تلك المدة المؤقتة حتى اليوم.
 
مواطنو ألمانيا الغربية الذين ما يزالون ينظرون لمواطنيها الشرقيين أنهم أقل منهم في المستوى وفي كل شيء، فمازالوا ينظرون لهم على أنهم أبناء ألمانيا الشرقية، وليس أبناء ألمانيا الاتحادية!

بالطبع لا يمكننا أن ننكر أن اتحاد الألمانيتين قد استفاد منه على الجانب الأكبر مناطق ألمانيا الشرقية، من حيث الإعمار وارتفاع الاقتصاد فيها، وسهولة هجرة سكانها إلى ألمانيا الغربية الغنية، حيث العمل والمال ومستوى المعيشة المرتفع.
 
بعيدا عن أجواء الاحتفال والتوحيد، يمثل هذا اليوم أهمية خاصة للمسلمين المقيمين في ألمانيا، حيث أنه قد تقرر ومنذ 18 عامًا، أن يكون هذا اليوم هو اليوم المفتوح للمساجد في مختلف ربوع ألمانيا.

ما هو اليوم المفتوح؟

لجميع المؤسسات في ألمانيا يوم مفتوح خاص بها، يستطيع المواطنون فيه من عامة الشعب الدخول إلى المؤسسات والتجول في أغلبها، مع وجود شرح مبسط لغرفها وأجزائها وكيفية العمل بها.

يمكنك أن تجده خاصة في المدارس والحضانات، والمطافئ، وشركة القطارات، وشركات السيارات، والمستشفيات خاصة للنساء اللاتي على وشك الولادة. يتم في هذا اليوم فتح الأبواب تقريبًا جميعها، للجميع، ولهذا كانت الترجمة الحرفية لمسمى هذا اليوم بالألمانية هي “يوم الباب المفتوح”.
مع توفير بعض الأطعمة البسيطة أو الحلوى، مع القهوة والعصائر المختلفة، وبالطبع أحيانا أيضًا الخمور.
 
قررت المساجد والمراكز الإسلامية أن يكون لها يوم مفتوح مماثل، لتعرف غير المسلمين بالإسلام، وليستطيعوا أن يشاهدوا عن قرب، تلك الأبنية التي لا يملكون من المعرفة عنها سوى أنها ربما أماكن لصناعة الإرهاب في بلادهم
 
في هذا اليوم، يمكنهم التجول في المسجد كما يشاءون، يسألون كما يشاءون، يشاهدون المسلمون وهم يصلون، يأكلون معهم ويتحاورون. واختاروا ليومهم المفتوح، يوم الثالث من أكتوبر من كل عام.
 
تسجل عدد المساجد والمراكز المشاركة سنويا ما يقترب من الألف مسجد تقريبا، يفتحون أبوابهم في هذا اليوم من كل عام، لمن أراد التعرف على المسجد وحياة المترددين إليه بشكل أكبر. وبدأ الأمر منذ 18 عامًا، تحديدًا في عام 1997.
 
تُرك الأمر في بدايته لتقدير كل مسجد فيما يريد أن يوصله لزواره في هذا اليوم، حتى جاء العام 2007، بتسلم الإشراف على هذا اليوم “مجلس تنسيق المسلمين في ألمانيا”، وقد قرر المجلس أن يجعل لكل عام موضوعًا تلتزم به المساجد المشاركة في الأمر، حيث تكون المطويات موحدة للجميع، ويكون الكلام كله في إطار الموضوع الذي تم اختياره لهذا العام.
 
تقرر أن يكون موضوع هذا العام حول الشباب المسلم في ألمانيا، حيث اختير عنوان “الشباب المسلم في ألمانيا: متحفز، مشارك، نشط”.
 
في هذا اليوم تستعد المساجد لاستقبال زائريها، ففي الوقت الذي تستعد فيه الدولة لاحتفالات توحيد الألمانيتين، يستعد المسلمون بتهيئة مساجدهم، وتنظيم أعمالهم في هذا اليوم. تستعد نساؤهم بما يمكن أن يعدِدْنَه من أطعمة شرقية خاصة، ربما يحرص كثير من الألمان يومها على التواجد لتذوقها.
 
أذكر أنني شهدت مرتين في مثل هذا اليوم دخول أحدهم إلى الإسلام، أمام الجميع مسلمين وزائرين. في مشهد مازلت أذكر إجلاله ورهبته.



المسلمون في ألمانيا والسياسة

نشر للمرة الأولى على مجلة ميم 5 أكتوبر 2017


 
مع نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وصعود اليمين المتطرف، بدأ كثير من المسلمين يخشون على مستقبلهم في ألمانيا، هل يمس أمنهم واستقرارهم في الفترة القادمة؟ وما الذي سيحدث لهم، مع ازدياد حالات الكراهية للمسلمين في البلاد على مدى الأعوام القليلة الماضية؟ وهل هناك من سيتعاطف معهم من السياسيين أم لا؟
لكن السؤال الأبرز هو: ما هي اتجاهات المسلمين السياسية؟ وأي الأحزاب اقرب إليهم؟ وماذا كان موقفهم من الانتخابات الأخيرة؟

المسلمون في ألمانيا، نظرة تاريخية سريعة

يبلغ عدد المسلمين في ألمانيا، طبقاً لآخر إحصاء تم في نهاية ديسمبر عام 2015، ما يقارب الخمسة ملايين مسلم، حيث يعدون 4.7 مليون، ويمثلون ما نسبته 5.7 % من عدد السكان في ألمانيا.
وفي الوقت الذي تقول فيه الحكومة “إن هذا العدد لا يعبر عن المسلمين حقاً، بل يمثل من يتبعون الثقافة الإسلامية فقط، وليسوا بالضرورة مسلمين”، إلا أن المسلمين في ألمانيا يؤكدون أن عددهم أكبر بكثير مما تظهره الإحصائيات.
ويتوزع المسلمون بنسب مختلفة في ولايات ألمانيا جميعها، لكن النسبة الأكبر موجودة في ألمانيا الغربية والعاصمة برلين، وتقل كثيراً في ألمانيا الشرقية.
وتعيش الفئة الاوسع من المسلمين في ولاية نوردهاين فيستفالين، التي تشمل مدن دوسلدورف وكولن وآخن، ويمثل المسلمون فيها 7.5% من السكان.
 ومع كون  عدد المسلمين المقيمين في ولاية بريمن قليلا، إلا أنهم يمثلون 9.8% من العدد الكلي لسكان الولاية (بريمن تعتبر ولاية ألمانية، لكنها ولاية تتكون من مدينة واحدة فقط، وهي برمين نفسها).

كيف جاء المسلمون إلى ألمانيا؟

يعود حضور المسلمين في ألمانيا الى نهايات القرن السابع عشر، وقد بني أول مسجد بها فيها عام 1701، بيد أن أعدادهم زادت مع نهاية الحرب العالمية الثانية، باستقدام العمالة التركية، ومن جاؤوا من بلاد المغرب العربي للمساهمة في تعمير البلاد، لتتصاعد النسبة بشكل أكبر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، التي ساهمت في أن يصبح الإسلام ديناً واضحاً في ألمانيا.
يشكل الأتراك الشريحة الأكبر من المسلمين، فعدد المسلمين الأتراك أو ذوي الأصول التركية يبلغ 2.3 مليون مسلم، ويمثلون نصف المسلمين في البلاد تقريباً.
في حين تتوزع النسبة الثانية بين المسلمين القادمين من الشرق الأوسط، ويليهم القادمين من جنوب شرق أوروبا. فيما توجد نسب صغيرة للقادمين من إيران وشرق آسيا وأفريقيا.
الى غاية ثمانينيات القرن الماضي كانت النسبة الكبرى من المسلمين تعود لأصول فقيرة، وتعتبر ذات منشأ اجتماعي متدن نوعا ما، إلا ان الصورة بدأت تتغير في السنوات العشر الأخيرة.
مع ازدياد أعداد المسلمين المتعلمين من المهاجرين الجدد إلى ألمانيا، بدا التنوع واضحاً، خاصة في الوظائف التي يشغلها المسلمون، حتى انها شملت رئاسة الأحزاب السياسية، كما حدث في حزب الخضر، وامتدت الى الأطباء وأساتذة الجامعات والمهندسين، والعديد من الوظائف العليا في البلاد.

ما الأحزاب التي يفضلها المسلمون؟

لقد شارف عدد المسلمين في ألمانيا على كسر حاجز الخمسة ملايين،  لكن حق الانتخاب يمثل فقط 32% منهم، حيث يبلغ عدد من له حق في التصويت 1.5 مليون مسلم، ويتجه ما نسبته 64% ممن يحق لهم الانتخاب من المسلمين عادة إلى انتخاب الحزب الديمقراطي الاشتراكي SPD، و12% لكل من حزبي الخضر واليسار.
عادة ما يوجه المجلس المركزي للمسلمين ZDM عدة أسئلة إلى الأحزاب المتوقع صعودها للبرلمان، ليتم الإجابة عنها، وعلى هذا الأساس يستطيع المسلمون معرفة أي الأحزاب أكثر حرصاً على متطلباتهم.
وفي هذا العام تم توجيه 30 سؤالاً من المجلس المركزي، إلى 6 أحزاب سياسية أجيبت عنهم من قبل جميع الأحزاب، عدا حزب اليمين المتطرف AFD.
الأسئلة كان على رأسها: كيف ينظر حزبكم إلى الإسلام كديانة يدين بها 2 مليار شخص على مستوى العالم، منهم 5 ملايين في ألمانيا؟
كما شملت الأسئلة عدة قضايا تهم المسلمين في المجتمع الألماني منها، الإسلام نفسه، والسياسة الداخلية في ألمانيا، والحرية الدينية والعنصرية، ومعاداة السامية، وطرحت أسئلة عن مسألة حظر الحجاب، والجنسية المزدوجة، ومسألة السياسة التركية وموقف الأحزاب المختلفة منها، وتصدير الأسلحة.

فمن أنتخب المسلمون هذا العام؟

في ظل دعوة أردوغان المسلمين الأتراك إلى عدم التصويت لأي من أحزاب الخضر والديمقراطي الاشتراكي، والاتحاد بقيادة ميركل، كانت نسبة التصويت من الأتراك ضعيفة للغاية هذا العام.
يأتي ذلك في الوقت الذي توزعت فيه باقي الأصوات ممن يحق لهم الانتخاب بين من لم ينتخب اتباعاً لبعض الفتاوى المنادية بعدم المشاركة في الانتخابات في الدول العلمانية، وبين عدم الاهتمام بالانتخابات عامة، سواء بسبب اعتيادهم على ذلك في بلادهم الأم، أو الإحباطات المتوالية الناتجة عن نتائج الربيع العربي.

المشاركة السياسية للمسلمين

ربما يكون تصاعد حزب اليمين المتطرف دق جرس إنذار للجميع خاصة للمسلمين في ألمانيا، باعتبارهم الفئة الأكبر التي تواجه عداوة من الحزب، لمحاولة تواجدهم بشكل أكبر في الحياة السياسية الألمانية.
فعلى الرغم من أن المجلس المركزي للمسلمين قد أرسل عدة أسئلة للأحزاب وحصل على معظم الإجابات، وتم نشرها في موقعه، إلا أن عدداً كبيراً من المسلمين الذين لم يسمعوا عن المركز من قبل لم يتم إعلامهم بما جاء من إجابات من الأحزاب فيما يخص شؤونهم واهتماماتهم.
يحتاج المسلمون اليوم إلى طريقة أكثر فعالية ليكون التواصل بينهم وبين ممثليهم في هذه البلاد أكبر من السابق، كما يحتاجون أيضاً إلى محاولة الاندماج الفعال مع مختلف فئات المجتمع الألماني.

مركز رعاية الأمومة

  شاهدت مؤخرا دراما كورية بعنوان Birthcare Center أو مركز رعاية الأمومة، الدراما تتناول ما بعد الولادة ومرحلة تعافي الأم، في الحقيقة ما ش...